كان يوم ميلادها , موعدها السنوي لتلتقي بنفسها
وتراجع حسابات العام المنصرم , نظرت في أوراقها , فرأت الكثير من الأخطاء المكررة ,
و الدروس
الطويلة المؤلمة , التي لم تتعظ من آلامها , فما كان منها إلا أن إتخذت قرارها ...
" لن ألقى عامي القادم كما أنا " ...
أحضرت أكبر حقائبها , وجمعت فيها أسوأ خطاياها ,
حملتها على ظهرها وسارت في الدروب والميادين تنادي ..." خطايا للبيع .. خطايا
للبيع".
سارت طويلا ونادت كثيرا , حتى قارب اليوم على
الإنتهاء , ولم تبع أي من خطاياها , تعبت من التجوال , ولا زالت الحقيبة تحني
ظهرها .
أستندت علي جانب الطريق لتستريح , فرأت طيف شخص
يأتي من بعيد , كان يمشي متثاقلا محني الرأس , حتى إذا أقترب منها , وجدته شابا
بلغ به الحزن والهم , ماجعله يبدو من بعيد كشخص عجوز , قد أنهكته الحياة بتقلباتها...
أشفقت عليه بقلبها الرقيق و نسيت خطاياها للحظات ,
وسألته بحنانها النابض من قلبها ..
" ما بك أيها الشاب أراك مجهد حزين ؟ أهناك ما
أستطيع أن أفعلة لمساعدتك ؟" ...
أستوقفته كلماتها , فنظر إليها وملامح الدهشة تعلو
وجهه فقالت له " لم التعجب ؟ ... هل تفوهت بما يسيئك دون قصد ؟ أعذرني إن كنت
فعلت ... فما قصدت إلا المساعدة " قال لها .. لا لم تخطئي , لكني تعجبت من
أهتمامك بحالي , فالكل هنا مشغول بحاله , لا أحد يهتم بغيره , لقد أنفقت يومي هنا
متجولا باحثا عن مقصدي , حتى بلغ مني التعب أقصاه , وتملكني اليأس من أن أجد
مبتغاي ومع ذلك لم أجد أبداً , من يشغل باله بسؤالي عن سبب همي , أو أن يعرض علي
المساعدة , ولكن أخبريني ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ أتدركين أين أنت ....
"
تذكرت خطاياها , وحقيبتها وقالت بألم " نعم أعلم أنه سوق الخطايا , حيث تباع
الخطايا وتشترى , جئت إلى هنا , بحقيبة مليئة بالخطايا التي أرهقت روحي وأتعبتها , عازمة على بيعها لكنني لم أبع شيئا منذ الصباح " , ثم فكرت قليلا وقالت .. أيها الشاب , هل أثقل عليك أن طلبت منك أن
تساعدني ؟ سأكون لك شاكرة أن أجبت بالقبول , ومتفهمة أن أجبت بالرفض " قال
لها دون تفكير " حسناً , سأساعدك حتى تصلي لمبتغاكِ تبيعي خطاياك , ولا تخشي
إبعادي عن مبتغاي فأنا لا أجده في كل الأحوال " ...
تبعته حتى وصلا إلى مكان مزدحم , فقال " هيا
أعرضي بضاعتك " ... تجولت مع رفيقها في السوق حتى قابلت تطلعت في المارة حتى
رأت رجلاً فظا ًغليظ القلب , فتحت حقيبتها وأخرجت منها شيئا ثم إقتربت منه وقالت
" هل تأخذ مني قلبي وتبادلني ببعض القساوة ؟ " فنظر إليها نظرة قاسية
وقال لها " أبتعدي أنت وقلبك " ...
عادت إلى حقيبتها محبطة , وهمت في المسير..
قال لها رفيقها متعجبا " أتبيعين قلبك ؟"
.........
يتبع
0 comments:
Post a Comment