BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS

Jul 30, 2012

خطايا للبيع - 3


....
...
 نظرت إليه وهي تغالب كلمات حبيسة قلبها وقالت بألم ... لأنني تخليت عن البحث عن الرفيق الذي تسعد بقربه روحي ؟!
فلطالما آمنت روحي بوجود رفيق لها في الدنيا , روحه شفافة مثلها , ولقد حدثتني عنه طويلا حتى صدقتها , فكنت أخترق كل العيون متمنية أن أجده مختفيا خلف إحداها , لكنني من طول البحث بدأ يختلط الأمرعلي , حتى إذا وجدت شخصاً يشبه في صفاته القليل من صفات رفيق روحي , أصبغت عليه من خيالي باقي الصفات , وأوهمت نفسي أنه هو , ولم ألق من وراء ذلك سوى الآلام المبرحة , فقررت أن أثني روحي عن بحثها , وأكتفي بالحياة وسط البشر ...
لكن البشر أساؤا التعامل مع روحي بطبيعتهم القاسية , تلك الطبيعة التي أدركت اليوم بمساعدتك أنني لا أستطيع أن أعيش بها , كيف توهمت يوماً أنني سأجد سعادتي إذا ملكتها !! ...
أشكرك يا رفيق يومي , إذ ساعدتني لأدرك الخطأ الذي كنت سأقع به " فقال لا.. لا تشكرينني أنا بل أننا معا نشكر الله , فحالي حين لقيتك لم يكن بأفضل من حالك , ولكن الحياة لا تخلو جعبتها من المفاجأت , وكثيرا ما تأتينا الأجابات بعد أن يتملكنا اليأس , ونتوقف عن البحث عن مبتغانا , لقد جئت اليوم إلى هذا المكان , بحثا عن أحد أحلامي التي كانت تطاردني دوما , في يقظتي قبل منامي ... حتى قررت أن أتخلص منه , فتركته هنا في سوق الخطايا , متوهما أنني سأستمتع بالهدوء والسكينة بعدها , لكنني بدلا من ذلك قضيت الليالي مؤرقا بلا أحلام , وقضيت النهار شاعرا بالغربة وعدم الأمان , فعدت اليوم باحثا عن حلمي الضائع ... وكان أقصي آمالي أن أجده , فكان مقدرا لي أن أجد ماهو أفضل منه بكثير ...
تعجبت وقالت بحياء , هل لي أن أسألك عن هذا الحلم  ؟  أبتسم وقال لها ...
  كنت أرى أنه قبل مجيئي إلى هذه الدنيا , أن  روحي أنقسمت إلي جزئين , جزء بقى داخل جسدي والجزء الأخر رحل بعيدا عني , بوعد صامت بالتوحد مرة أخرى , وقد ظل هذا الحلم
يلح علي حتى آمنت به , وكطفل ضاع منه أبواه ظللت أبحث عن جزء روحي المنفصل , فبدونه أشعر بالخوف والغربة , ولا تكتمل سعادتي أبدا
لقد أتيت اليوم باحثا عن حلمي الذي تركته , بعد
 أن أجهدني الشعور بالغربة والضياع بدونه , فكان أن وجدت جزءه المنفصل هنا , في أخر مكان أفكر أن أبحث فيه ...
أنت يا ذات الروح الشفافة والقلب الرقيق واللسان الصادق النقي والأذن المرهفة , يا من تؤثرين الناس على نفسك , أنت من تملكين جزء روحي المنفصل عني , لقد عرفتك روحي ونكرتك عيناي  روحي التي أستمعت إلى نداء روحك , الذي يشع في المكان , أما عيناي القاصرتان فلم تريا إلا حزنك وهمك المرتسمان على وجهك , وطوال طريقي معك , كنت أتأرجح بين روحي وعيني , حتى بدأت في عرض خطاياك , فعلى صوت روحي وزادت قوة بصيرتي ...
كانت تستمع إليه وقد تبدلت ملامح الحزن إلى راحة وسكينة , فأختلطت مشاعرها بسيل من الدموع , التي لم تحاول منعها , فروحها لا تخشى أن تكشف أمامه أعمق جروحها , تطلعت إلى رفيق يومها وكأنها تراه لأول مرة , وتلاحقت الكلمات داخل قلبها , لكنها لم تجد أبلغ من الصمت ...
حتى تكلم  قائلا " يا حبيبة الروح ... لا ترهقي قلبك بحثا عن كلمات نصف بها هذه اللحظة , فلروحينا لغة خاصة تتحدثان بها , ولقد تعارفتا منذ أن تلاقينا في الطريق , لكننا لم نستمع إلى حديثهما إلا الأن " ...
 نظرت إليه بفرحة تغمر قلبها  " أحقيقي أنت أم أنني أهزي , من شدة اليأس والتعب ؟ أأنت رفيق روحي ؟ ...
 ذلك الذي حدثتني عنه طويلا , ولم تكف يوما عن البحث عنه ...
نعم أنه أنت , كيف لم ألحظ ذلك الشعور الذي أصاب روحي منذ أن القيتك ؟ ...
 لقد كنت مشغولة ببيع ما كنت أحسبه خطايا , حتى أنني لم أعد أشعر بثقل حقيبتي , وكأن أنحناء ظهري لم يكن بسبب الحمل الموضوع عليه , بل لأنني تخليت عن البحث عنك , وفقدت إيماني بوجودك , كم كنت ألوم البشر على جرحهم أياي .  الأن .. أنا أشفق عليهم لأنهم لم يختبروا ما نشعر به , ولو فعلوا لأختلفت طبائعهم وحياتهم ...
 أما أنت يا رفيق روحي وحبيبها , فأن قلبي الرقيق متلهف لأن يمنحك كل ينابيع الحب الكامنة بداخله , وأذني تتوق للأستماع لموسيقى صوتك الصادق , ولساني تتسابق على أطرافه , أعذب العبارات التي طالما أشتاقت للسكون داخل قلبك , أن كل ما كنت أحسبه خطايا من قبل , ما هو إلا نفائس خلقت من أجلك وحدك ...
هيا بنا يا رفيق روحي وحبيبها , لنوحد أرواحنا ونفرد أجنحتنا , ونحلق بها في السماء بعيداً عن هذا المكان وهؤلاء البشر , تاركين لهم الطبيعة البشرية وخطاياها , أما طبيعتنا الروحية ... فهي خليقة فقط بنا  فقط.

خطايا للبيع - 2


............
قالت
 " نعم ... أبيع قلبي الرقيق الذي أحب كل الناس على أختلافهم , فكان يرقص لفرحهم , وينفطر حزناً علي حزنهم  , وهو لهم ملجأ آمن دائماً , فمنحهم من المشاعر الصادقة ما لم يقدروها ,
 وبدلا من أن يبادلوه حبا بحب , بادلوه بالجراح والألام  , ورغم ذلك لم يقسو , وظل على رقتة وعطاءه  لهم , قلبي مريض بالحب لهذا أبيعه , وأبادله بقلبا قاسياً " ...
حملت حقيبتها مرة أخري على ظهرها , وأكملت طريقها مع رفيقها بقلب حزين ...
حتى رأت طفلاً أنانيا مزعجا , أقتربت منه وقالت " هل تأخذ مني إيثاري وتمنحني بعض أنانيتك ؟" فصرخ في وجهها " دعيني أنت وإيثارك ... فلم أعتد أن أعطي شيئاً " ...
عادت وحملت حقيبتها , وزاد تعجب رفيقها , وقال لها  " أتبيعين إيثارك ؟" قالت ..نعم .. أبيعه , فهو الذي جعلني أفضل الناس على نفسي , وأمنحهم الكثير من روحي , حتى أصبح عطائي لزاماً علي , وأصبحت كالبحر يقصده كل شخص ليأخذ منه ,    ولا يمنحه أي شيء , يسمع الشكوى ولا يجد من يستمع إليه , ولم أتلقي في المقابل سوى المزيد والمزيد من الأنانية  , ورغم ذلك لم أستطع أيضاً أن أتخلص منه , ذلك لأن روحي مريضة به لهذا أبيعه , لأبادله ببعض الأنانيه " ...
صمتت ثم أكملت طريقها , حتى رأت سيدة تقف وسط صراخ وعويل ولا يؤذيها ضجيجهما , تستمع لأسوأ العبارات ولا تتأثر روحها , قالت لها " سيدتي ... هل ترحميني , وتأخذي مني أذني , وتمنحيني أذنا من أذناك القويتان اللتان لا تؤذيهما الصرخات ؟ "
 لكن السيدة لم تسمع صوتها وسط ذلك الضجيج ...
 لملمت خطاياها وسارت من جديد ... وزادت حيرة رفيقها فتسائل متعجبا " لماذا تبيعين أذناك ؟" قالت " أبيعها لأنها تهفو دائماً , إلى موسيقى الكلمات الصادقة المشاعر , لكن ما يدخلها من كلمات قاسية جارحة تسبب للروح ألماً لا يشفى , وعبثا حاولت أن أمنع عنها الأصوات الخارجية , حتى أنني حاولت أن أفصلها عن روحي , أو أبني بينهما سور دون جدوى , فروحي مريضة بأذني المرهفة  لهذا أبيعها لأبادلها بأذن بشرية " ...
 سارت في طريقها سارا معا في صمت, حتى رأت شخصان يتراشقان بالألفاظ , أقتربت منهما وسألتهم  " هل لكم أن  تبادلوا لساني بلسان من ألسنتكم , يعلم كيف يلقي بالألفاظ القاسية ليستطيع أن يصد عني اللعنات الظالمة ؟ " ...
رمقاها بنظرة ثاقبة ، ثم أمطراها بوابل من الألفاظ الجارحة , هربت مسرعة منهما , وحملت حقيبتها مرة أخرى على ظهرها , قال لها رفيقها مترفقاً
 " أرجو ألا تسأمي كثرة أسألتي ... ولكن لماذا تبدلين لسانك ؟" قالت له وقد تملكها اليأس والحزن " أبادلة ... لأنه لا يعرف سوى الكلمات العذبة الرقيقة التي تفيض عليه من روحي , لكن روحي لا تسلم من ألسنه البشر القاسية التي تتفنن في تعذيبها , وحينها ينطوي لساني حزينا متألما , فهو لا يعرف القسوة , وأن أدعاها  .. زادت روحي تألما ، أن روحي مريضة بهذا اللسان العذب , لهذا أبادله بلسان قاسيا "...
 أستطردت بأسى وهي تغالب دموعها " أنني أحيا في الدنيا , كطائر يمشي على الأرض وسط البشر فتتقاذفه أقدامهم بقصد وبدون قصد , فكان علي أن أختار أما أن أعتزلهم وأعيش طبيعتي في السماء محلقة , ولكن وحيدة .. أو أن أبادل طبيعة البشر بطبيعتي , لأستطيع الأنتماء إلى دنياهم والحياة بينهم فكان أن أخترت الثانية  ...
 لهذا جمعت كل الخطايا التي تفصلني عن دنيا البشر  , وأتيت لبيعها "...
 نظر لها رفيقها نظرة حانية وقال " هوني على نفسك , أن هؤلاء الذين قابلتهم أناس بلا روح , فقد تخلوا عنها يوم بدأ سباق الحياة , تخيلوا أنها سوف تعوقهم ...فتركوها... وأستمروا يتسابقون دون انقطاع ...
كان السباق ضاريا , فتسلحوا بالقسوة والأنانية , وأخفوا ضعفهم خلف وجه غاضب , وصوت عال وكلمات لاذعة , فلم يقو أحد على الوقوف أمامهم  ولقد نجح بعضهم في الوصول إلي كل ما يطمح إليه , لكن لو تطلعت لحالهم , لوجدتهم وحيدون تعساء , لا يملكون من يشاركهم الفرحة بنجاحهم , ولا يملكون من المشاعر سوى بقايا شوق للمشاعر. أما أنت .. يا من تملكين تلك الروح الرقيقة الشفافة أسمى وأرقى من أن تكوني مثلهم , فأنك لو حاولت لسببت لروحك ألما أبلغ وأعمق من أي ألم , قد يصيبك من هؤلاء البشر , فلماذا تصرين على البحث عن سعادة روحك بقربهم ؟" ...

Jul 25, 2012

خطايا للبيع -1


كان يوم ميلادها , موعدها السنوي لتلتقي بنفسها وتراجع حسابات العام المنصرم , نظرت في أوراقها , فرأت الكثير من الأخطاء المكررة ,
 و الدروس الطويلة المؤلمة , التي لم تتعظ من آلامها , فما كان منها إلا أن إتخذت قرارها ...
" لن ألقى عامي القادم كما أنا " ...
أحضرت أكبر حقائبها , وجمعت فيها أسوأ خطاياها , حملتها على ظهرها وسارت في الدروب والميادين تنادي ..." خطايا للبيع .. خطايا للبيع".
سارت طويلا ونادت كثيرا , حتى قارب اليوم على الإنتهاء , ولم تبع أي من خطاياها , تعبت من التجوال , ولا زالت الحقيبة تحني ظهرها .
أستندت علي جانب الطريق لتستريح , فرأت طيف شخص يأتي من بعيد , كان يمشي متثاقلا محني الرأس , حتى إذا أقترب منها , وجدته شابا بلغ به الحزن والهم , ماجعله يبدو من بعيد كشخص عجوز , قد أنهكته الحياة بتقلباتها...
أشفقت عليه بقلبها الرقيق و نسيت خطاياها للحظات , وسألته بحنانها النابض من قلبها  ..
" ما بك أيها الشاب أراك مجهد حزين ؟ أهناك ما أستطيع أن أفعلة لمساعدتك ؟" ...
أستوقفته كلماتها , فنظر إليها وملامح الدهشة تعلو وجهه فقالت له " لم التعجب ؟ ... هل تفوهت بما يسيئك دون قصد ؟ أعذرني إن كنت فعلت ... فما قصدت إلا المساعدة " قال لها .. لا لم تخطئي , لكني تعجبت من أهتمامك بحالي , فالكل هنا مشغول بحاله , لا أحد يهتم بغيره , لقد أنفقت يومي هنا متجولا باحثا عن مقصدي , حتى بلغ مني التعب أقصاه , وتملكني اليأس من أن أجد مبتغاي ومع ذلك لم أجد أبداً , من يشغل باله بسؤالي عن سبب همي , أو أن يعرض علي المساعدة , ولكن أخبريني ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ أتدركين أين أنت ....
  " تذكرت خطاياها , وحقيبتها وقالت بألم " نعم أعلم أنه سوق الخطايا , حيث تباع الخطايا وتشترى , جئت إلى هنا , بحقيبة مليئة بالخطايا  التي أرهقت روحي  وأتعبتها , عازمة على بيعها  لكنني لم أبع شيئا منذ الصباح "  , ثم فكرت قليلا وقالت ..  أيها الشاب , هل أثقل عليك أن طلبت منك أن تساعدني ؟ سأكون لك شاكرة أن أجبت بالقبول , ومتفهمة أن أجبت بالرفض " قال لها دون تفكير " حسناً , سأساعدك حتى تصلي لمبتغاكِ تبيعي خطاياك , ولا تخشي إبعادي عن مبتغاي فأنا لا أجده في كل الأحوال " ...
تبعته حتى وصلا إلى مكان مزدحم , فقال " هيا أعرضي بضاعتك " ... تجولت مع رفيقها في السوق حتى قابلت تطلعت في المارة حتى رأت رجلاً فظا ًغليظ القلب , فتحت حقيبتها وأخرجت منها شيئا ثم إقتربت منه وقالت " هل تأخذ مني قلبي وتبادلني ببعض القساوة ؟ " فنظر إليها نظرة قاسية وقال لها " أبتعدي أنت وقلبك " ...
عادت إلى حقيبتها محبطة , وهمت في المسير..
قال لها رفيقها متعجبا " أتبيعين قلبك ؟"
.........
يتبع