BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS

Jul 30, 2012

خطايا للبيع - 2


............
قالت
 " نعم ... أبيع قلبي الرقيق الذي أحب كل الناس على أختلافهم , فكان يرقص لفرحهم , وينفطر حزناً علي حزنهم  , وهو لهم ملجأ آمن دائماً , فمنحهم من المشاعر الصادقة ما لم يقدروها ,
 وبدلا من أن يبادلوه حبا بحب , بادلوه بالجراح والألام  , ورغم ذلك لم يقسو , وظل على رقتة وعطاءه  لهم , قلبي مريض بالحب لهذا أبيعه , وأبادله بقلبا قاسياً " ...
حملت حقيبتها مرة أخري على ظهرها , وأكملت طريقها مع رفيقها بقلب حزين ...
حتى رأت طفلاً أنانيا مزعجا , أقتربت منه وقالت " هل تأخذ مني إيثاري وتمنحني بعض أنانيتك ؟" فصرخ في وجهها " دعيني أنت وإيثارك ... فلم أعتد أن أعطي شيئاً " ...
عادت وحملت حقيبتها , وزاد تعجب رفيقها , وقال لها  " أتبيعين إيثارك ؟" قالت ..نعم .. أبيعه , فهو الذي جعلني أفضل الناس على نفسي , وأمنحهم الكثير من روحي , حتى أصبح عطائي لزاماً علي , وأصبحت كالبحر يقصده كل شخص ليأخذ منه ,    ولا يمنحه أي شيء , يسمع الشكوى ولا يجد من يستمع إليه , ولم أتلقي في المقابل سوى المزيد والمزيد من الأنانية  , ورغم ذلك لم أستطع أيضاً أن أتخلص منه , ذلك لأن روحي مريضة به لهذا أبيعه , لأبادله ببعض الأنانيه " ...
صمتت ثم أكملت طريقها , حتى رأت سيدة تقف وسط صراخ وعويل ولا يؤذيها ضجيجهما , تستمع لأسوأ العبارات ولا تتأثر روحها , قالت لها " سيدتي ... هل ترحميني , وتأخذي مني أذني , وتمنحيني أذنا من أذناك القويتان اللتان لا تؤذيهما الصرخات ؟ "
 لكن السيدة لم تسمع صوتها وسط ذلك الضجيج ...
 لملمت خطاياها وسارت من جديد ... وزادت حيرة رفيقها فتسائل متعجبا " لماذا تبيعين أذناك ؟" قالت " أبيعها لأنها تهفو دائماً , إلى موسيقى الكلمات الصادقة المشاعر , لكن ما يدخلها من كلمات قاسية جارحة تسبب للروح ألماً لا يشفى , وعبثا حاولت أن أمنع عنها الأصوات الخارجية , حتى أنني حاولت أن أفصلها عن روحي , أو أبني بينهما سور دون جدوى , فروحي مريضة بأذني المرهفة  لهذا أبيعها لأبادلها بأذن بشرية " ...
 سارت في طريقها سارا معا في صمت, حتى رأت شخصان يتراشقان بالألفاظ , أقتربت منهما وسألتهم  " هل لكم أن  تبادلوا لساني بلسان من ألسنتكم , يعلم كيف يلقي بالألفاظ القاسية ليستطيع أن يصد عني اللعنات الظالمة ؟ " ...
رمقاها بنظرة ثاقبة ، ثم أمطراها بوابل من الألفاظ الجارحة , هربت مسرعة منهما , وحملت حقيبتها مرة أخرى على ظهرها , قال لها رفيقها مترفقاً
 " أرجو ألا تسأمي كثرة أسألتي ... ولكن لماذا تبدلين لسانك ؟" قالت له وقد تملكها اليأس والحزن " أبادلة ... لأنه لا يعرف سوى الكلمات العذبة الرقيقة التي تفيض عليه من روحي , لكن روحي لا تسلم من ألسنه البشر القاسية التي تتفنن في تعذيبها , وحينها ينطوي لساني حزينا متألما , فهو لا يعرف القسوة , وأن أدعاها  .. زادت روحي تألما ، أن روحي مريضة بهذا اللسان العذب , لهذا أبادله بلسان قاسيا "...
 أستطردت بأسى وهي تغالب دموعها " أنني أحيا في الدنيا , كطائر يمشي على الأرض وسط البشر فتتقاذفه أقدامهم بقصد وبدون قصد , فكان علي أن أختار أما أن أعتزلهم وأعيش طبيعتي في السماء محلقة , ولكن وحيدة .. أو أن أبادل طبيعة البشر بطبيعتي , لأستطيع الأنتماء إلى دنياهم والحياة بينهم فكان أن أخترت الثانية  ...
 لهذا جمعت كل الخطايا التي تفصلني عن دنيا البشر  , وأتيت لبيعها "...
 نظر لها رفيقها نظرة حانية وقال " هوني على نفسك , أن هؤلاء الذين قابلتهم أناس بلا روح , فقد تخلوا عنها يوم بدأ سباق الحياة , تخيلوا أنها سوف تعوقهم ...فتركوها... وأستمروا يتسابقون دون انقطاع ...
كان السباق ضاريا , فتسلحوا بالقسوة والأنانية , وأخفوا ضعفهم خلف وجه غاضب , وصوت عال وكلمات لاذعة , فلم يقو أحد على الوقوف أمامهم  ولقد نجح بعضهم في الوصول إلي كل ما يطمح إليه , لكن لو تطلعت لحالهم , لوجدتهم وحيدون تعساء , لا يملكون من يشاركهم الفرحة بنجاحهم , ولا يملكون من المشاعر سوى بقايا شوق للمشاعر. أما أنت .. يا من تملكين تلك الروح الرقيقة الشفافة أسمى وأرقى من أن تكوني مثلهم , فأنك لو حاولت لسببت لروحك ألما أبلغ وأعمق من أي ألم , قد يصيبك من هؤلاء البشر , فلماذا تصرين على البحث عن سعادة روحك بقربهم ؟" ...

0 comments: