BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS

Aug 26, 2008

معضلة الأختيار




اعتدت أن أراه جالسا في احدى شرفات البراح متطلعا الى المارة في الطرقات و الشوارع و الحدائق متفحصا في ملامحهم و على وجهه ابتسامة هادئة و ملامح تبوح بما في صدره من راحة و سكينة.
كنت ألمحه و أنا سائرة جيئة و ذهابا على قضبان الحياة و لطالما وددت أن أقابله لأسئله عن سر هذا الهدوء و الراحة علني أصل الى ذلك المنبع السحري فأغترف منه ما يكفيني لتحمل بقيه حياتي.
حتى أتى يوم تكاثرت علي الهموم و الأحزان و أصبحت أسير كأمرأة عجوز لا تقوى على الحراك.
و نظرت للأعلى كعادتي فرأيته كما أراه كل يوم و لكن هذا اليوم بالذات كان ينظر الي و كأنه يناديني و يحدثني بأن عنده الخلاص مما أنا فيه. فاستجمعت شجاعتي و أقتلعت قدمي من على القضبان و توجهت اليه ... كنت أشعر في كل خطوة أخطوها بأن الهموم تتساقط من فوق كتفي و كلما خفت الهموم كلما عدت شابة مرة أخرى.
حتى وصلت بابه فوجدته مفتوحا كأنه يدعو الواقف للدخول. دخلت ... فشعرت برهبة و هيبة . فأحساس المكان هنا يختلف عن الصخب الي أعيش فيه كل يوم.
الأضاءة خافتة فلا أكاد أحدد ملامح المكان و لكنه هاديء تماما يملؤه سكون مريح أكاد أسمع أصوات موسيقى خافته و لكني لا أرى مصدرها. سرت حتى وصلت الى الشرفة فوجدته جالسا في مكانه المعتاد.
و قبل أن أفتح فمي للكلام قال لي " اقبلي يا بنيتي فانا كنت أنتظرك"
ثم أستدار و نظر الي فشعرت أن نظراته تخترق صدري لتستشف ما فيه من ألم و حزن.
تزاحمت الأسئلة في رأسي كل يريد الأجابه أولا ... و تشاحنت المشاعر في صدري كل يريد الراحة أولا. تلاقت الأسئلة و المشاعر على باب شفتي و توفقت جميعا ... و صمتت.
و كأنه قد سمع كل ما بداخلي من شجار فقال بصوت هاديء " يا بنيتي ... كلي أذان صاغية فهاتي ما عندك "
فقلت " سيدي ... من أنت؟ و من أين لك بكل هذا الهدوء و الحكمة في وسط عالم مجنون ؟ و ما الذي يستحق وقوفك الدائم في الشرفة متطلعا للمارة بكل ما فيهم من ضعف و غضب و ضيق و حيرة؟"
فابتسم ابتسامة العارف سلفا بأن هذه ستكون أسئلتي و أجابني
" من انا ... ساؤجل هذا السؤال قليلا... و أما من أين لي بالهدوء و الحكمة .. فان الحكمة وليدة الصمت و التأمل ...هي كالنبتة تربتها الهدوء و السكينة و غذاؤها التأمل و المعرفة.
فوقوفي في الشرفة كان بعدا عن الصخب و ضجيج البشر و اما تطلعي للمارة فهو للتامل و المعرفة"
و مد الي يده مشيرا الى المارة قائلا " اقتربي يا بنيتي و انظري و قولي لي ماذا ترين؟"
فاقتربت من حافة الشرفة و نظرت فادهشني ما رأيت... فأنا منذ دقائق قليلة كنت واحدة من هؤلاء و لكني لم أكن أرى ما أراه الان.
فقلت " سيدي ... اني أرى الأن ما لم أرى من قبل... أرى مجموعة من البشر تجري وراء سراب بكل ما اوتيت من قوة و لا تعلم أنه سراب...و مجموعة أخرى تحارب طواحين الهواء و تتعجب لماذا لايعتبرها الناس أبطالا ... و مجموعة تلهث وراء ما لا تملك و لو نظرت في يدها لوجدت أنها تملك مثله بل و أفضل ... و مجموعة تنفق كل ما أوتيت من قوة لعمل فتحة في جدار صخري سميك لتعبر منها للناحية الأخرى و لا تدرك أنها لو سارت للأمام قليلا بمحازاة الجدار لوجدت فتحة الخروج... و مجموعة تنكمش خائفة في الأركان المظلمة أمام وحوش مخيفة متربصة بها و لكنها لا تدري أنها لو أقتربت مسافة كافيه لوجدت أن هذه الوحوش ما هي الا خيالات بفعل الظلام و الخوف الكامن داخلهم و ليس لها وجود في الحقيقة... و أري أخرون يسيرون متذمرون في خط مستقيم كأنهم على قضبان قطار ... و أستطيع أن أخبرك عن هؤلاء يا سيدي فأنا واحدة منهم و لكني أقسم لك أنني منذ قليل حين كنت أسير معهم كنت أرى القضبان بوضوح و لا أملك الخروج من عليها و لا أعلم لطريقي محطة وصول ...
ما لم يتغير بين الصورة بالاسفل و الصورة من هنا أن لا أحد سعيد فالكل يشعر بالتعاسة و لا يجدون منها خلاص. أرجو ألا تضجر من كثرة أسئلتي و لكني يا سيدي اطمع في أن يتسع صدرك لجهلي و تعطشي للمعرفة فما الذي يجعل البشر على أختلافهم يجتمعون على التعاسة ؟ و هل الى السعادة من سبيل؟ "
فنظر الي نظرة المشفق على حالي و قال " ما ترينه يا بنيتي من تعاسه على وجوه البشر هي حالة دائمة من عدم الرضا سببها معضلة الأختيار "
فقلت متسائلة " و ما هي معضلة الأختيار يا سيدي؟ "
" ان حياة كل منا يا بنيتي ما هي الا لحظات لا متناهية من الخيارات حين تجتمع معا تكون الطريق الذي يسلكه الانسان في حياته ... تكون شخصيته ... أفكاره... أحلامه... فكل لحظة تمر علينا هي لحظة اختيار.
نتكلم أم نسكت... نتوقف أم نسير للأمام ... نقبل أم نرفض... نصرخ و نعترض أم نرضى ونستسلم ...
خيارات لا تنتهي و كل أختيار له ثمن و كلما زادت قيمة الأختيار كلما أرتفع الثمن و مشكلتنا الأبدية أننا حين نختار نتمنى ألا ندفع الثمن و نتوهم أن عدم دفع الثمن هو أختيار مطروح فنعيش أختيارنا متضررين حتى أننا ننسى أن نستمتع بالاختيار الذي طلبناه بانفسنا و ننفق ايامنا بكاء على ما ندفعه من ثمن. و كان حري بنا أن نستمتع بأختيارنا و ما فيه من جمال و ندفع الثمن راضيين قانعين أنه لولا هذا الثمن ما ملكنا خيارنا...و من الناس من يسيء الأختيار فيدفع لأختياره ثمنا أغلى كثيرا من قيمة الأختيار نفسه "
.......
سرحت في هذه الكلمات قليلا ثم قلت " معنى هذا يا سيدي أن ما أحياه من ألم هو من أختياري؟ هل أنا أسأت الأختيار كل هذا الوقت؟"
فنظر الي نظرة حانية و قال" يا بنيتي هناك من الناس من لا يملك الجرأة على الأختيار فيظل وافقا مكانه يغض الطرف عن الحقائق و يبحث حوله عن أشياء يعلق عليها سبب شقائه فينعي حظه العثر أو شرور البشر و هذا يا بنيتي أسوأ أختيار يمكن أن يختاره أنسان. و من الناس من يري الحقائق و يدرك أنه لابد أن يسلك طريقا أخر في حياته و لكنه لايملك الجرأة ليخطو الخطوة الأولي و دائما ينتظر حدوث معجزة تدفعه دفعا نحو الطريق الجديد و لا يدرك أن المعجزات لا تحدث لمن ينتظرها بل تأتي لمن يسير بخطوات واسعة نحو هدفه لتعينه على سرعة الوصول....
نعم... ما تحيينه من ألم أو سعادة هو من أختيارك ... فقضبان القطار التي كنت تسيرين عليها هي من نسج خيالك و من اختيارك... و تركك لها و وقوفك أمامي الان هو أختيارك... و ما ستفعلينه بعد مغادرتي هو أيضا من أختيارك
"
صمتت للحظات ثم قلت " معك كل الحق يا سيدي ... الان أدرك ما لم أدرك من قبل
... "
أردت أن استرسل في الكلام و لكن أستوقفني أن رأيت المكان يشع ضوءا بعد أن كانت أضائته خافتة ... تطلعت الى المكان فوجدت أنه يشبه تماما غرفتي بكل تفاصيلها و لكنه أكثر راحة و حميمية.
سرت في أرجاء الغرفة متفحصة لكل تفاصيلها و أنا تملؤني الدهشة ... فكأن كل اشيائي لمستها عصا سحرية فجعلتها تنبض بالحياة فهذه لوحاتي التي يغطيها التراب كأنها تناديني لأزيل عنها التراب و أعلقها فوق مكتبي لأراها كل يوم ... و ألواني التي جفت أشم رائحتها قوية في أنفي كأنها لا تزال طرية تناديني لأستكمال اللوحة التي بدأتها منذ أشهر طويلة . و رأيت ضوء مسلط على كتبي و أوراقي فشعرت بها تناديني لأعادة ترتيبها و كأن كتبي تخبرني كم أفتقدت لمساتي لأوراقها و انغماسي بين كلماتها حتى يغلبني النعاس و أنا محتضنة صفحاتها...و صوت الموسيقى الخافته أصبح
واضحا :انني أري النغمات تتراقص حولي...
تنقلت بين تفاصيل الغرفة حتى تذكرت الشخص الحكيم الذي كنت أحدثه ... فألتفت بسرعة ناحية الشرفة و أندهشت كثيرا حين لم أجده و زادت دهشتي حين تطلعت الى الشرفة فوجدت أنها شرفتي و بها نباتاتي التي ذبلت أيضا تناديني بحب و دون عتاب لأعيد أحيائها...
تلفتت حولي أبحث عنه فلم أجده... ناديته " يا سيدي ... أين أنت ؟ و ما هذا المكان الذي أنا فيه ؟"
سمعته يقول لي بصوت مطمئن و راض " ألا تريدين أن تعلمي أولا من أنا... "
تلفتت حولي لأراه دون جدوي فقلت " نعم يا سيدي "
فقال لي " أنا ... قلبك العاقل ... و عقلك المرهف الحس ... أنا أذنك التي تسمع لغه السكون و عينك التي تبصر ما تعجز عن رؤيته عينك البشرية...أنا أنت ... و أنت أنا...خلقني الله بداخك يوم مولدك كبرنا معا و لكنك أخترت أن تسجني نفسك داخل الطبيعة البشرية ... و أنا لا أستطيع أن أحيا سجينا... فسرت أنت على القضبان ملتصقة بالأرض و فردت أنا جناحي لأتنقل بين الأرض و السماء طلبا للمعرفة فأزددت أنا حكمة و حرية و أزددت أنت هما و التصاقا بالأرض ...
و لكنك كنت تتلفتين دائما حولك باحثه عني ...و تطمئنين حين تريني كل يوم ... متطلعة الى اليوم الذى نتوحد فيه مرة أخرى ... و لكنك كنت خائفة ... لا تملكين الجرأه علي تغيير أختيارك الأول ... فمرت بك السنوات خائفة و متطلعة ... و اليوم فقط كثرة همومك منحتك الشجاعة على تكسير القيود التي وضعتها حول معصميك بنفسك و تركت السير على القضبان التي رسمتها أيضا بنفسك ...
لقد وقفت اليوم أمام لحظة أختيار هامة جدا في حياتك ... فقد كان أمامك منحنى اذا أتخذته طريقا لما أستطعت أن تريني خلال سيرك فيه و لأصبح توحدنا في عداد المستحيل ...
و لكنك أخترت أن نعود و نتوحد....و كنت أعلم أنك ستعودين يوما الي ...فأنت... ترفضين القيود و لكنك لا تملكين الشجاعة على تكسيرها ... تتمنين الطيران و لا تملكين الجرأة على ترك الأرض ... تتمردين و تخجلين اذا سمع أحد صوتك عاليا
..."
وقفت أستمع الى الكلمات و كان الصوت يتغيرشيئا فشيئا حتى أصبح صوتي أنا ... و لكنه أكثر جرأة و ثقة ... لم أعد أبحث عن مصدره فالان أعلم أن هذا الصوت يتردد داخلي ...
"...تعالي معي لنبدأ الحياة ... نعيش على الأرض فاردين جناحينا ... نحلق في السماء و الأرض نصب عينينا ... نحدد أختياراتنا بما يضمن أستمرار نبض الحياة في عروقنا ... و ندفع الثمن راضيين بأختيارنا
....."
الان خرجت الكلمات من حلقي تملأ الأرجاء و لأول مرة أشعر بها نابضة بالحياة " لقد سجنت نفسي لسنوات خلف جدران من الخوف و عينت عليها حراسا من التردد فقد كان هذا هو الطريق الأسلم لي ... لم يكن فيه أي تحديات و لا يحتاج الى جرأة أو مواجهه ... و لكني لم أدرك وقتها أني انما أدفع ثمن أختياري من عمري و حريتي و سعادتي ...
هيا بنا يا أنا ... نعيد خياراتنا ... تاركين الخوف و الحزن ورائنا ... رافضين القيود التي تقتل فينا الحياة ... رافضين أي أختيار يكون ثمنه التخلي عن حريتنا
"

May 20, 2008

تاج الاعتراف

The Madonna of the Magnificat
Detail of the Virgin's Face and Crown (1482)
by Sandro Botticelli
...........
صديقتي الجميلة شهرزاد اعذريني على تأخري في ارتداء التاج الذي أهديتيني اياه منذ فترة و لكن الدخول الى البراح يتطلب الكثير من المرواغة للتخلص من كل ما يربطني بعالمي الواقعي

لم اكن ادري كم هو صعب علي ان اذكر عشرة اشياء عن نفسي . فقد اخفيت نفسي في اعماقي منذ زمن طويل خشية من نيران البشر – الصديقة و الغير صديقة – فلم اعتد ان اتحدث عنها و ابوح باسرارها و ان كنت احب ان ارى انعكاس صورتها فيما احب و فيمن احب حتى لا اتوه عن دربها.
و لكني اليوم اختبرت تجربه جديدة لم اعشها من قبل. فقد وضعت التاج على راسي و اخذت نفسا عميقا و غصت في اعماق نفسي كي اصل الى حقيقة نفسي. فوجدت انها عبارة عن مجموعة كبيرة من التناقضات فلم احاول ان اغوص اعمق من هذا و لكني سانقل لكم ما وجدت

· وجدتها تتنفس حرية حدودها السماء و لا ترضى بالاسوار حدودا . لو حاول احد ان يقيدها تختنق و لكنها وضعت لنفسها الاف القيود

· وجدتها تحب البشر لمجرد انهم بشر و تؤمن بالانسانية يحزنها تخلي الانسان عن انسانيته و تتالم اذا رات انسان يتالم

وجدتها مليئة بالامل كل لحظة لديها هي نقطة بداية و كل امس هو صفحة قابلة لان تطوى

· وجدتها خجولة تميل الى الانطواء يتملكها الخوف احيانا بدون سبب حقيقي

· وجدتها عنيدة اذا امنت بفكرة لا تتنازل عنها بسهولة

· وجدتها خيالية تحب ان تعيش في عالمها الخاص و ان تصبغ الدنيا بالوانها المحببة فترى الكون جميلا و لكنها تدرك تماما ان جزء من الجمال الذي تراه في الكون هو من صنع خيالها

· وجدتها واقعية تتعامل مع الدنيا احيانا كانها عملية حسابية و تؤهل نفسها على اسوا الفروض حتى لا تصطدم بالواقع

· وجدتها لا تملك اي من ملكات الابداع الفني و لكنها تحب ان تعيش في حالة الفن الصادق الحقيقي فتستسلم امام سيمفونية جميلة. تذوب مع الوان لوحة مبدعه . تنبهر بثورة العاشق احمد فؤاد نجم و رباعيات الرائع صلاح جاهين . تعيش داخل كوميديا دانتي . تسكن امام كلمات جبران و يرافقها صوت منير في معظم لحظاتها

· وجدتها تحب العلم و العمل فاذا اضطرت الى العيش بدونهما اصابها الوهن و الضعف

وجدتها تحب العطاء و تتفانى في حب الاخرين

· واخيرا وجدتها احيانا تتمني لو لم تكن كما وجدتها
********
انتهى الاعتراف و الان اخلع التاج من على راسي لاهديه الى

May 7, 2008

أمس... و اليوم ... و غدا

Walk in the Rain by Gina Signore
...................
حين دخلت البراح اليوم وجدت في انتظاري تعليق من صديقتي الجميلة شهرزاد ذكرت فيه جملة شغلتني و لم استطع ان ابرح البراح حتى اجد تفسيرا يريح نفسي
قالت صديقتي
".... حاضرنا هو من صنع ماضينا...."
فهل هو كذلك حقا؟؟؟

اسمحي لي يا صديقتي أن أختلف معك هنا...

فحياتنا هي مجموعة من اللحظات المتعاقبة... و لنتخيل معا ان هذه اللحظات عبارة عن خطوات ...فالخطوة التي خلفنا هي امس و التي نقف عليها هي اليوم و الخطوة التالية هي غدا...
و هذه الخطوات هي التي تحدد طريقنا في الحياة و خلاصة عمرنا.
نحن نرسم طريقا خياليا لحياتنا على ارض اعمارنا لنصل الى هدف وضعناه بانفسنا و هذا الطريق فيه كل احلامنا و افكارنا و معتقداتنا ...
نبدأ حياتنا و نسير في خطواتنا. خطوة البداية هي الوحيدة التي ليس لها امس و خطوة النهاية هي الوحيدة التي ليس لها غد اما باقي الخطوات كلها فهي خطوات وسط بين امس و غد....
حين نسير في طريقنا يجب علينا ان ندرك ما هو بمقدورنا و ما ليس بمقدورنا
فنحن لا نملك ان نتوقف. فالخطوات ... هي اللحظات ... هي عقرب الثواني الخاص باعمارنا ...لن يتوقف حتى نصل الى خطوة النهاية.
اما ما نملك ... فنحن نملك ان نغير اتجاهات خطواتنا في اي لحظة وفقا لوعورة الطريق
كما نملك ان نسير و اعيننا الى الامام نصب خطواتنا القادمة او ان نسير و اعيننا في الخلف تنظر بالم الى خطواتنا السابقة
و لكن يجب ان نحذر.....
فاذا سرنا و اعيننا الى الخلف ... فمن المؤكد اننا لن ندرك موطيء اقدامنا و بالتالي لن نتبع الطريق الذي وضعناه لانفسنا
ثم نتسائل و نحن ننظر الى خطواتنا المنقضية لماذا سارت في اتجاة غير الذي حددناه من قبل؟؟؟؟؟ و ندخل في دائرة الحزن و الندم
رغم ان اعادة خطواتنا الى الطريق الصحيح لن يتطلب سوى الالتفات الى الامام لندرك موطيء اقدامنا

كل خطوة سابقة تحمل بين طياتها الكثير من التجارب ...قد تكون مفرحة ...محزنة ...مؤلمة ...ملهمة ....

و خلال سيرنا في الطريق نجمع من خطواتنا فقط ما ينفعنا في خطواتنا التاليه.
فان مررنا بخطوة تحمل تجارب مؤلمة فلا يجب ان نحمل الالم معنا خلال طريقنا فالالم ثقيل و كفيل بان يديرنا ليوجة اعيننا بعيدا عن طريقنا ...فيجب ان نسمح لانفسنا بالشعور بالالم فقط وقت المرور بهذة الخطوة اما بعد ذلك فهو للاستفادة من تجربتنا هذه ... مجرد دروس نتعلمها و الا نكون قد تالمنا بدون داع ان لم نتعلم . تماما كالضرس المسوس يؤلم جدا حتى نستجمع شجاعتنا و نتوجه للطبيب لخلعه مما يؤلم ايضا و لكننا بعد ذلك نشعر بالراحة التامة .
و هكذا تتلاحق علينا الخطوات بين سابقة نتعلم منها و حالية نحياها و قادمة نتطلع اليها

و هنا اؤمن ان خطوتنا الحالية هي من صنع افكارنا و احلامنا و تطلعنا للخطوة القادمة ...
فان كنا نتوهم ان اليوم مثل غدا مثل امس فسننفق ايام عمرنا سدى و قد ندرك الحقيقة بعد فوات الآوان اما اذا وضعنا خطة لمستقبلنا فيها كل احلامنا و طموحاتنا فسنعيش كل يوم بايجابية و سعادة و نحن ننتظر شمس الغد بكل اشتياق لنري ما هي المفاجآت الجميلة التي احضرتها لنا....

Apr 23, 2008

حديث الحب


جبران خليل جبران
................"
يا حبيبة نفسي
ان الحقائق العظيمة الفائقة الطبيعة لا تنتقل من بشري الى آخر بواسطة الكلام المتعارف , لكنها تختار السكينة سبيلا بين النفوس. و أنا أشعر أن سكينة هذا الليل تسعى بين نفسينا حاملة رسائل أرق من تلك التي يكتبها النسيم على وجه الماء , تالية كتاب قلبينا على قلبينا , و لكن مثلما شاء الله فجعل النفوس في أسر الأجسام شاء الحب فجعلني أسير الكلام ... يقولون يا حبيبتي ان الحب ينقلب بالعباد نارا آكله , و أنا وجدت ان ساعة الفراق لم تقو على فصل ذاتينا المعنويتين , مثلما علمت عند أول لقاء أن نفسي تعرفك منذ دهور , و ان أول نظرة اليك لم تكن بالحقيقة أول نظرة
"...............
جبران خليل جبران

Apr 22, 2008

الأحلام المؤجله


Painting title "ButterflyBeach" by Richard Yaco


كانت تحلم أن تتسلل هاربة من همومها و قلقها و مشاكلها اليومية و أحلامها المؤجلة الى أجل غير مسمى و ندمها على أختيارات خاطئة و حيرتها أمام أختيارات حالية و أوجاعها و كلمات حبيسة قلبها و مرآتها التي أصبحت تخبرها كل يوم كم أصبح وجهها بائس و حزين و كيف أختفت منه نضرته المعهوده . و ضحكاتها التي أصبحت مجرد أصوات تخرج من فمها على مضض لمجاراة الموقف و لم تعد تخرج من قلبها كسابق عهدها.

كانت تتمنى أن تنعم بلحظات من السكينة و الهدوء مع نفسها التي أهملتها طويلا . فقررت أن تتمرد على روتين يومها و أن تتخلص من كل القيود التي تربطها بتلك الساقية التي تدور فيها كل يوم.
و لتكتمل سعادتها بحثت داخلها عن صديقتها المقربه . عن تلك الطفلة الجميلة البريئة و بحثت معها عن أحلامها و أشيائها الصغيرة التي طالما كانت مبعث سعادتها.
فعلت هذا و هي تحلم بأن تختلس من عمرها يوما تحيا كل لحظاته في سعادة و راحة.
و ظلت تردد في عقلها " يا أيها الغد كن ما شئت فقد عشت اليوم لليوم لا لأمسه و لا لغده"
فأرتدت ملابس غير التي ترتديها كل يوم و تركت خصلات شعرها تنساب على كتفيها ليفعل بها الهواء ما يشاء.
تركت حقيبة يدها و بها كل ما يربطها بعالمها .

نزلت درجات السلم بخطوات سعيدة و سريعه كطفل يجري بفرحة غامرة ليصل الى مكان محبب الى قلبه.
سلكت طريقا غير تلك التي تسلكها كل يوم .
سارت بخطوات متسارعة أحيانا و بطيئة أحيانا و لكن كلها كانت تنبض بالسعادة.
كانت السعادة تطل من عينها و تنطق بها خطواتها و تشاركها فيها خصلات شعرها. فكانت نسايم الخريف هي الموسيقى الساحرة التي تجعلها تتراقص على كتفيها بأنطلاق و حرية كطفل تركه أبواه يمرح و يلعب في حديقة واسعة بعد أن ظل طويلا حبيس جدران البيت.
لم تفكر كثيرا في وجهتها فقد كانت قدماها تتلقى أوامرها من قلبها مباشرة و أصبح عقلها مجرد مشاهد مهمته الوحيده أن يسترخي و يستمتع بما يحدث.
فاليوم قلبها هو المتحكم في كل خطواتها و قراراتها.
تسارعت خطواتها و هي تجري ناحية شاطيء البحر و تسارعت كذلك دقات قلبها كانها ذاهبه لملاقاه حبيب طال اشتياقها له.
ها هو البحر ذلك الصديق القديم الذي طالما شاركها لحظاتها و الذي طالما احست ان هناك رابط خفي يربطهما معا و تذكرت كلمات شاعرها المفضل اليا أبو ماضي:
" قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت لست أدري!"
حين لامست صورة البحر عينيها أحست بالخجل فكم مرت عليه بسيارتها و هي ذاهبة لعملها و لكنها لم تكن تلحظ وجوده أو تستمتع بنسائمه. فقد كان عقلها ملئ بالأفكار السلبية و قلبها مثقل بالهموم. فكان كل هذا بمثابه نظارة قاتمه اللون تحجب اي شئ جميل من الوصول الى العين. فأصبح قلبها خالي من الاحساس بالجمال و أصبحت روحها كالأرض الجدباء.
أما اليوم فقد أستطاعت أن تتخلص من هذه النظارة القاتمة و ترى الجمال في كل شئ.
حتى أنها لم تشعر كم طالت وقفتها في محاولة مرور الطريق. فقد كانت عيناها مركزتان على البحر و أمواجه المتلاحمه و كأنها ترقص من فرط سعادتها بعوده صديقتها الحبيبة.

فانطلقت نحو الشاطىء خلعت صندلها و قذفته على الرمال و انحنت لتغترف الرمال بيدها و تنثرها في الهواء و هي ترقص في دوائر و كأنها تحيط نفسها بهاله من الرمال أو أن الرمال تحتضنها.
ظلت تحمل الرمال و تنثرها بسعادة و هي تضحك و الرمال تتطاير و كأنها تشاركها فرحتها.
و فجأه توفقت و نظرت الى مياه البحر فوجدت أمواجه هدأت كأنها في لحظات انتظار و ترقب. فتركت حبات الرمل لتتساقط من يدها في الهواء و تسكن بجانب قدميها.
و بدأت تخطو نحو البحر بخطوات متسارعة حتى أصبحت تجري. و تراقصت أمواج البحر و تسابقت على الشاطيء لتلامس قدميها.
حين لامست أمواج البحر قدميها شعرت أنها أصبحت داخله و أصبح داخلها. شعرت أنها أصبحت موجه من أمواجه تتراقص معها بنفس الايقاع علي أنغام اوركسترا يقودها البحر و تعزف فيها الرياح و الرمال و اشعه الشمس المتوارية خلف السحب.
نظرت الى السحب و وصلت سعادتها الى مداها. لقد قررت حبات المطر أن تشارك في هذه الأوركسترا .
فكانت أول حبات مطر تنزل مبشِرة بقرب قدوم الشتاء.
و لم تحرم ملابسها فرحة ملامسة البحر فتركتها تشاركها السعادة و اللعب.
لم تدري كم مر عليها من الوقت و هي على هذه الحاله فقد مر الوقت سريعا جدا و هي ترقص و تلعب و تضحك حتى أوشكت الشمس على المغيب لتخبرها أنه قد حان الوقت لتعود الى حياتها فقد أنتهى يومها.

و قبل أن تصل الفكرة الى عقلها كانت الدموع تنسال من عينيها فقد كانت اللحظات أجمل من أن تنتهي.
لماذا لم يتوقف الوقت هنا؟
لماذا لا يستمر هذا اليوم الى الابد؟
هي لا تريد العوده الى حياتها. و كيف ترجع و هي أخيرا أستطاعت الرجوع الى عالمها.
" لن أمشي و ليكن ما يكون" قالتها للبحر بحزم طفولي.
حملت أمواج البحر شيئا و تركته عند قدميها و تراجعت في هدوء.
فأنحنت لتلتقطه و كم كانت فرحتها حين وجدت صدفه تشبه تلك التي أعتادت أن تجمعها من الشاطيء في طفولتها.
التقطتها ووضعتها على أذنها في حركة تلقائية فاستمعت الى أصوات الأمواج الجميلة.
و هنا بدأت ثورتها تهدأ و تحولت ملامح الحزن التي أرتسمت على وجهها الى أبتسامة. فنظرت الى البحر و قالت " و أنا أيضا سأكون دائما معك"
ثم أستدارت عائدة الى حياتها.
ودعتها أمواج البحر و حبات الرمال و نسايم الهواء و أشعة الشمس المتوارية خلف البحر في الأفق.
فأستدارت لهم و قالت "أعدكم ... لن يطول غيابي...أنتظروني"

سارت طوال الطريق و هي تحتضن الصدفة بقبضتها و تضعها بجانب قلبها.
دخلت حجرتها و هي لا تزال تسمع أصداء صوت البحر بداخلها.
وضعت الصدفة على مكتبها و ظلت تنظر اليها و تتذكر لحظات هذا اليوم الجميل و تفكر في ايامها السابقة و تسائلت لماذا استسلمت للدنيا حتى وضعت على عينها هذه النظارة القاتمة فحجبت عنها كل ما هو جميل.
كانت لحظه صدق كافية لأن تجعلها تدرك أن جميع لحظات حياتها ملكها و من صنعها. و ليس للدنيا دخل بما آلت اليه حياتها.
بل سلبيتها و استسلامها و ضعفها هم سبب ما وصلت اليه. فقد تركت نفسها لتصبح ريشة في مهب رياح الحياة فتقاذفتها الرياح كما تشاء.
و اليوم كانت من القوة حتى أستطاعت أن تكسر هذا الحجاب و ترى الحقيقة. و تدرك أن الدنيا تبوح باسرارها فقط للقوي أما المستسلم الضعيف فيقضي حياته راثيا لحاله معلقا اسباب شقائه على ظروف الدنيا و شرور الناس.
و اليوم سيكون يوما فاصلا في حياتها...ستبدأ في تحقيق أحلامها المؤجلة...ستحيط نفسها بأشيائها الحبيبة... ستحيا لحظاتها كما تحب... ستجعل الجمال جزء لا يتجزأ من يومها... و لن تهمل الطفلة بداخلها ابدا.
من اليوم ... ستنزل من فوق الرياح و تمشي على الأرض بخطوات ثابتة و واثقة حتي يتردد في الأرض أصداء خطواتها.
أستلقت على سريرها و أغمضت جفنها و قالت في نفسها " أستعدي ايتها الدنيا...فغدا أْولد من جديد.