BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS

Apr 23, 2008

حديث الحب


جبران خليل جبران
................"
يا حبيبة نفسي
ان الحقائق العظيمة الفائقة الطبيعة لا تنتقل من بشري الى آخر بواسطة الكلام المتعارف , لكنها تختار السكينة سبيلا بين النفوس. و أنا أشعر أن سكينة هذا الليل تسعى بين نفسينا حاملة رسائل أرق من تلك التي يكتبها النسيم على وجه الماء , تالية كتاب قلبينا على قلبينا , و لكن مثلما شاء الله فجعل النفوس في أسر الأجسام شاء الحب فجعلني أسير الكلام ... يقولون يا حبيبتي ان الحب ينقلب بالعباد نارا آكله , و أنا وجدت ان ساعة الفراق لم تقو على فصل ذاتينا المعنويتين , مثلما علمت عند أول لقاء أن نفسي تعرفك منذ دهور , و ان أول نظرة اليك لم تكن بالحقيقة أول نظرة
"...............
جبران خليل جبران

Apr 22, 2008

الأحلام المؤجله


Painting title "ButterflyBeach" by Richard Yaco


كانت تحلم أن تتسلل هاربة من همومها و قلقها و مشاكلها اليومية و أحلامها المؤجلة الى أجل غير مسمى و ندمها على أختيارات خاطئة و حيرتها أمام أختيارات حالية و أوجاعها و كلمات حبيسة قلبها و مرآتها التي أصبحت تخبرها كل يوم كم أصبح وجهها بائس و حزين و كيف أختفت منه نضرته المعهوده . و ضحكاتها التي أصبحت مجرد أصوات تخرج من فمها على مضض لمجاراة الموقف و لم تعد تخرج من قلبها كسابق عهدها.

كانت تتمنى أن تنعم بلحظات من السكينة و الهدوء مع نفسها التي أهملتها طويلا . فقررت أن تتمرد على روتين يومها و أن تتخلص من كل القيود التي تربطها بتلك الساقية التي تدور فيها كل يوم.
و لتكتمل سعادتها بحثت داخلها عن صديقتها المقربه . عن تلك الطفلة الجميلة البريئة و بحثت معها عن أحلامها و أشيائها الصغيرة التي طالما كانت مبعث سعادتها.
فعلت هذا و هي تحلم بأن تختلس من عمرها يوما تحيا كل لحظاته في سعادة و راحة.
و ظلت تردد في عقلها " يا أيها الغد كن ما شئت فقد عشت اليوم لليوم لا لأمسه و لا لغده"
فأرتدت ملابس غير التي ترتديها كل يوم و تركت خصلات شعرها تنساب على كتفيها ليفعل بها الهواء ما يشاء.
تركت حقيبة يدها و بها كل ما يربطها بعالمها .

نزلت درجات السلم بخطوات سعيدة و سريعه كطفل يجري بفرحة غامرة ليصل الى مكان محبب الى قلبه.
سلكت طريقا غير تلك التي تسلكها كل يوم .
سارت بخطوات متسارعة أحيانا و بطيئة أحيانا و لكن كلها كانت تنبض بالسعادة.
كانت السعادة تطل من عينها و تنطق بها خطواتها و تشاركها فيها خصلات شعرها. فكانت نسايم الخريف هي الموسيقى الساحرة التي تجعلها تتراقص على كتفيها بأنطلاق و حرية كطفل تركه أبواه يمرح و يلعب في حديقة واسعة بعد أن ظل طويلا حبيس جدران البيت.
لم تفكر كثيرا في وجهتها فقد كانت قدماها تتلقى أوامرها من قلبها مباشرة و أصبح عقلها مجرد مشاهد مهمته الوحيده أن يسترخي و يستمتع بما يحدث.
فاليوم قلبها هو المتحكم في كل خطواتها و قراراتها.
تسارعت خطواتها و هي تجري ناحية شاطيء البحر و تسارعت كذلك دقات قلبها كانها ذاهبه لملاقاه حبيب طال اشتياقها له.
ها هو البحر ذلك الصديق القديم الذي طالما شاركها لحظاتها و الذي طالما احست ان هناك رابط خفي يربطهما معا و تذكرت كلمات شاعرها المفضل اليا أبو ماضي:
" قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت لست أدري!"
حين لامست صورة البحر عينيها أحست بالخجل فكم مرت عليه بسيارتها و هي ذاهبة لعملها و لكنها لم تكن تلحظ وجوده أو تستمتع بنسائمه. فقد كان عقلها ملئ بالأفكار السلبية و قلبها مثقل بالهموم. فكان كل هذا بمثابه نظارة قاتمه اللون تحجب اي شئ جميل من الوصول الى العين. فأصبح قلبها خالي من الاحساس بالجمال و أصبحت روحها كالأرض الجدباء.
أما اليوم فقد أستطاعت أن تتخلص من هذه النظارة القاتمة و ترى الجمال في كل شئ.
حتى أنها لم تشعر كم طالت وقفتها في محاولة مرور الطريق. فقد كانت عيناها مركزتان على البحر و أمواجه المتلاحمه و كأنها ترقص من فرط سعادتها بعوده صديقتها الحبيبة.

فانطلقت نحو الشاطىء خلعت صندلها و قذفته على الرمال و انحنت لتغترف الرمال بيدها و تنثرها في الهواء و هي ترقص في دوائر و كأنها تحيط نفسها بهاله من الرمال أو أن الرمال تحتضنها.
ظلت تحمل الرمال و تنثرها بسعادة و هي تضحك و الرمال تتطاير و كأنها تشاركها فرحتها.
و فجأه توفقت و نظرت الى مياه البحر فوجدت أمواجه هدأت كأنها في لحظات انتظار و ترقب. فتركت حبات الرمل لتتساقط من يدها في الهواء و تسكن بجانب قدميها.
و بدأت تخطو نحو البحر بخطوات متسارعة حتى أصبحت تجري. و تراقصت أمواج البحر و تسابقت على الشاطيء لتلامس قدميها.
حين لامست أمواج البحر قدميها شعرت أنها أصبحت داخله و أصبح داخلها. شعرت أنها أصبحت موجه من أمواجه تتراقص معها بنفس الايقاع علي أنغام اوركسترا يقودها البحر و تعزف فيها الرياح و الرمال و اشعه الشمس المتوارية خلف السحب.
نظرت الى السحب و وصلت سعادتها الى مداها. لقد قررت حبات المطر أن تشارك في هذه الأوركسترا .
فكانت أول حبات مطر تنزل مبشِرة بقرب قدوم الشتاء.
و لم تحرم ملابسها فرحة ملامسة البحر فتركتها تشاركها السعادة و اللعب.
لم تدري كم مر عليها من الوقت و هي على هذه الحاله فقد مر الوقت سريعا جدا و هي ترقص و تلعب و تضحك حتى أوشكت الشمس على المغيب لتخبرها أنه قد حان الوقت لتعود الى حياتها فقد أنتهى يومها.

و قبل أن تصل الفكرة الى عقلها كانت الدموع تنسال من عينيها فقد كانت اللحظات أجمل من أن تنتهي.
لماذا لم يتوقف الوقت هنا؟
لماذا لا يستمر هذا اليوم الى الابد؟
هي لا تريد العوده الى حياتها. و كيف ترجع و هي أخيرا أستطاعت الرجوع الى عالمها.
" لن أمشي و ليكن ما يكون" قالتها للبحر بحزم طفولي.
حملت أمواج البحر شيئا و تركته عند قدميها و تراجعت في هدوء.
فأنحنت لتلتقطه و كم كانت فرحتها حين وجدت صدفه تشبه تلك التي أعتادت أن تجمعها من الشاطيء في طفولتها.
التقطتها ووضعتها على أذنها في حركة تلقائية فاستمعت الى أصوات الأمواج الجميلة.
و هنا بدأت ثورتها تهدأ و تحولت ملامح الحزن التي أرتسمت على وجهها الى أبتسامة. فنظرت الى البحر و قالت " و أنا أيضا سأكون دائما معك"
ثم أستدارت عائدة الى حياتها.
ودعتها أمواج البحر و حبات الرمال و نسايم الهواء و أشعة الشمس المتوارية خلف البحر في الأفق.
فأستدارت لهم و قالت "أعدكم ... لن يطول غيابي...أنتظروني"

سارت طوال الطريق و هي تحتضن الصدفة بقبضتها و تضعها بجانب قلبها.
دخلت حجرتها و هي لا تزال تسمع أصداء صوت البحر بداخلها.
وضعت الصدفة على مكتبها و ظلت تنظر اليها و تتذكر لحظات هذا اليوم الجميل و تفكر في ايامها السابقة و تسائلت لماذا استسلمت للدنيا حتى وضعت على عينها هذه النظارة القاتمة فحجبت عنها كل ما هو جميل.
كانت لحظه صدق كافية لأن تجعلها تدرك أن جميع لحظات حياتها ملكها و من صنعها. و ليس للدنيا دخل بما آلت اليه حياتها.
بل سلبيتها و استسلامها و ضعفها هم سبب ما وصلت اليه. فقد تركت نفسها لتصبح ريشة في مهب رياح الحياة فتقاذفتها الرياح كما تشاء.
و اليوم كانت من القوة حتى أستطاعت أن تكسر هذا الحجاب و ترى الحقيقة. و تدرك أن الدنيا تبوح باسرارها فقط للقوي أما المستسلم الضعيف فيقضي حياته راثيا لحاله معلقا اسباب شقائه على ظروف الدنيا و شرور الناس.
و اليوم سيكون يوما فاصلا في حياتها...ستبدأ في تحقيق أحلامها المؤجلة...ستحيط نفسها بأشيائها الحبيبة... ستحيا لحظاتها كما تحب... ستجعل الجمال جزء لا يتجزأ من يومها... و لن تهمل الطفلة بداخلها ابدا.
من اليوم ... ستنزل من فوق الرياح و تمشي على الأرض بخطوات ثابتة و واثقة حتي يتردد في الأرض أصداء خطواتها.
أستلقت على سريرها و أغمضت جفنها و قالت في نفسها " أستعدي ايتها الدنيا...فغدا أْولد من جديد.